آخـر الأخـبـار

ما أشبه الليلة بالبارحة، وما أعمق الأحداث إذا تمت مقارنتها ببعضها، خاصة إذا كان البطل فيها محوراً مركزياً وأساسياً يصنعها من خلال العديد من السيناريوهات الهادفة إلى إنهاء خدمته نتيجة العديد من الأسباب، مهما اختلفت ملابساتها وأحداثها المؤدية لطريق الخروج الآمن.


وقبل الخوض في زمام وسياق الموضوع، نود التأكيد على أن المدير الفني للنادي الأهلي مانويل جوزيه له في القلب لدى الجماهير حباً لن يحظى مثله مدرب أجنبي آخر على الإطلاق، حتى ولو كان "جوزيه" مورينيو أو جوارديولا نفسه.

نستطيع القول بأن نسبة كبيرة من جماهير الأهلي ترى أن رحيل المدير الفني أفضل من خسارة لاعب بحجم حسام غالي قائد الفريق، خاصة وأن فئة كبار السن من الجماهير يرون أن بقاء جوزيه خلال الفترة القادمة قد يسبب صداماً مع الجماهير أكثر بكثير من الذي نشب وقت رحيل الصقر، ناهيك عن الأزمة المالية التي تمر بها الكرة المصرية حالياً وإحتمالية عدم قدرة النادي على إكمال الوفاء بوعده المادي للبرتغالي، وشعور فئة أخرى من الجماهير أن الشباب مازالوا في "العلب".

يعد جوزيه المدير الفني الوحيد الذي جمع بين "
السياسة والنفوذ المادي" بدافع أن السياسة هي التحكم في كافة مقاليد النادي دون تدخل من أحد، والنفوذ المادي هو تلبية كافة متطلباته المادية، خاصة منذ بدء ولايته الثالثة، ومن وجهة نظر جوزيه فإن مستقبله بات محفوف بالمخاطر في الأهلي مادياً ليُهدد مصيره سياسياً، أما على الصعيد الإداري فإن التأرجح يأتي من التذمر من تغليظ عقوبة غالي بعدما اعترف اللاعب بخطأه واعتذر، خاصة أن الجميع يعلم أن اللاعب صدر منه هذا الأمر بدافع الحب والغيرة على ناديه.

وإذا نظرنا لمشكلة جوزيه السابقة مع محمد نور نجم اتحاد جدة فسنجد أن العلاقة وصلت إلى طريق مسدود بين الإثنين نتيجة تعنت جوزيه في تأديب اللاعب ذو الحجم الكبير، والشعبية الجارفة لدى السعوديين جميعاً لكونه يمثل قامة كبيرة في المنتخب السعودي، وهو الأمر نفسه الذي أغضب جماهير الأهلي عندما أخرج جوزيه الصقر أحمد حسن من القلعة الحمراء، ليمثل اللاعب بعدها إضافة قوية وركيزة أساسية لنادي الزمالك منذ أن انضم إليه وحتى الآن، ورغم أن موقف حسن يختلف عن موقف غالي ونور، نظراً لأن جوزيه كان في توهجه مع الفريق وقتها بدعم من الاستقرار المادي والكروي والإداري داخل الكيان، إلا أن الجماهير كانت "مستشيطة" من الغيظ، وأرى أن المواقف مختلفة ولكنها تصب في نفس الإطار للأسف، 
فالصقر تعامل بمنطق المدرب داخل الفريق وهو ما أغضب جوزيه الذي يريد الإنفراد بسيمفونية القيادة وحيداً وهذا حقه، أما نور فتكررت أخطاءه واعتمد على تدليل الجماهير والإدارة، وعن غالي فكان الخطأ المعلن إعلامياً الأول له واعتذر عنه والتزم العقاب، فلم التزمت في تقويم اللاعب أكثر من اللازم، وكأنه طفل صغير أوقع "الطعام" على الأرض!!.

ووفقاً لما أعلنه الكابتن عدلي 
القيعي منذ ثلاثة أعوام: "أن جوزيه لا يتعامل مع الأسماء، ولكنه يكره صفات معينة في اللاعب أولها عدم الإلتزام بالتعليمات، ومعارضة استراتيجيته أو سحب دفة القيادة التي يريد أن يسير عليها الفريق".. الخطأ الأول وقع فيه نجم اتحاد جدة الحالي، والثاني (من وجهة نظر جوزيه) قائد المنتخب الوطني، أما غالي فما صنع لكل هذا التضخيم في العقاب؟!!.

قد يكون هناك 
عروض قوية وغير متوقعة قادمة من الأفق السرية جداً إلى المدير الفني البرتغالي بتدريب أحد أندية بلاده، أو كما رددت بعض التقارير الخليجية أن جوزيه يؤمن مصيره مع الأهلي - بعد تذبذب الماديات- بعروض بلادنا المنهالة على رأسه خلال الفترة المؤخرة.. لم لا.

يلوح في الأجواء رداً قاسياً من 
لجنة الكرة بعد خروج القيعي نفسه قبل أيام يؤكد إنعقادها لمناقشة أحوال الفريق، ومعرفة مصير المدير الفني مع الفريق، مما يجعل اللاعب مؤمن تواجده في القلعة الحمراء، ويعطي مؤشراً بتكرار موقف جوزيه في اتحاد جدة مرة أخرى مع الأهلي ليتخذ من خلاله جوزيه غالي "كوبري" للخروج الآمن – من وجهة نظره – من الأهلي، خاصة أن الأيام الأخيرة لجوزيه في اتحاد جدة كان يطلق مثل هذه التصريحات النارية الواثقة من عدم رجوع اللاعب للفريق إذا استمر في قيادته الفنية.. فالسيناريو يتكرر بحذافيره، وتحليل الحديث بالنبرة الواثقة نفسها يصب نحو عرض قوي جداً قادم لجوزيه يؤمن من خلاله الخروج في حالة الاستغناء عن خدماته، مثلما عاد إلى الأهلي الذي كان في حاجة ماسة إليه، ليفوز وقتها بالخروج الآمن "مادياً وجماهيرياً" من النادي السعودي.

ويبقى السؤال هل الأزمة مفتعلة فعلياً لرحيل جوزيه عن الأهلي بهذا الشكل المقصود، خاصة أن غالي لم يرتكب الإثم الذي يستوجب إقصاءه الصعب بهذا الشكل؟.. مع الوضع في الاعتبار أن جوزيه عندما قال "سآتي إلى الأهلي لأنهي حياتي به" لم يكن سوى رد فعل طبيعي نتيجة العرض المادي الضخم الذي حظى به، كما أنه نوع من رد الجميل للجماهير التي رفعته على الأعناق وقت قدومه الثالث إلى أحضان المارد، دون التقليل من حبه وعشقه للكيان الأهلاوي بالتأكيد، ولكن "منطق الإحتراف" يبقى الأساسي لديه.

أضف تعليقك